فصل: باب الْهُدْنَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِهِ إلَخْ) زَادَ النِّهَايَةُ، وَمِثْلُ الزِّنَا مُقَدِّمَاتُهُ كَمَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ. اهـ.
(وَقَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ دَلَّ أَهْلَ الْحَرْبِ إلَخْ) أَوْ آوَى جَاسُوسًا لَهُمْ أَسْنَى، وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْقُرْآنَ) يُغْنِي عَنْهُ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا) أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا عَلَيْهِ رَوْضٌ، وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَمْدًا) وَإِنْ لَمْ نُوجِبْ الْقِصَاصَ عَلَيْهِ كَذِمِّيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا أَسْنَى، وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ. اهـ. مُغْنِي قَالَ ع ش لَا يُقَالُ: هَذَا مُنَافٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ أَسْمَعُوا الْمُسْلِمِينَ شِرْكًا، أَوْ أَظْهَرُوا الْخَمْرَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَنْتَقِضْ عَهْدُهُمْ، وَإِنْ شُرِطَ عَلَيْهِمْ الِانْتِقَاضُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ، أَوْ يُقَرُّونَ عَلَيْهِ كَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَمَا هُنَا فِيمَا لَا يَتَدَيَّنُونَ بِهِ، وَيَحْصُلُ بِهِ أَذًى لَنَا كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي أَمَّا مَا يُتَدَيَّنُ بِهِ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: إنْ شُرِطَ انْتِقَاضٌ بِذَلِكَ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ الْمُسْلِمَ، وَقَوْلُهُ: انْتَقَضَ أَيْ: فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحَرْبِيِّينَ حَتَّى لَوْ عَفَتْ وَرَثَةُ الْمُسْلِمِ الَّذِي قَتَلَهُ عَمْدًا عَنْهُ قُتِلَ لِلْحِرَابَةِ، وَيَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي حَيْثُ اسْتَظْهَرَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الِانْتِصَارِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ تَنْزِيلُ الْمَشْكُوكِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ مَشْرُوطٌ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَهَذَا أَيْ: التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ صَحَّحَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حَدٍّ إلَخْ) وَمِنْهُ قَتْلُهُ بِالْمُسْلِمِ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رُجِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ الِانْتِقَاضُ بِذَلِكَ ثُمَّ قُتِلَ بِمُسْلِمٍ، أَوْ بِزِنَاهُ حَالَ كَوْنِهِ مُحْصَنًا بِمُسْلِمَةٍ صَارَ مَالُهُ فَيْئًا؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ مَقْتُولٌ تَحْتَ أَيْدِينَا لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِأَقَارِبِهِ الذِّمِّيِّينَ لِعَدَمِ التَّوَارُثِ، وَلَا لِلْحَرْبِيِّينَ؛ لِأَنَّا إذَا قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِمْ أَخَذْنَاهُ فَيْئًا، أَوْ غَنِيمَةً، وَشَرْطُ الْغَنِيمَةِ هُنَا لَيْسَ مَوْجُودًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِالِانْتِقَاضِ) مَرْجُوحٌ. اهـ. ع ش.
وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَمَا إذَا شَرَطْنَا الِانْتِقَاضَ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا نَقْضَ بِهِ) وَيُعَزَّرُونَ عَلَى ذَلِكَ مُغْنِي، وسم.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: شُرِطَ انْتِقَاضُ الْعَهْدِ بِذَلِكَ، أَوْ لَا.
(وَمَنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بِقِتَالٍ جَازَ)، بَلْ وَجَبَ (دَفْعُهُ، وَقِتَالُهُ)، وَلَا يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ لِعِظَمِ جِنَايَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ قَتْلُهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ دَفْعُهُ بِغَيْرِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَيَظْهَرُ أَيْضًا أَنَّ مَحَلَّهُ فِي كَامِلٍ فَفِي غَيْرِهِ يُدْفَعُ بِالْأَخَفِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِهِ كَانَ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ فَفِي عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى قَتْلِهِ مَصْلَحَةٌ لَهُمْ فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِمْ (أَوْ بِغَيْرِهِ) أَيْ: الْقِتَالِ (لَمْ يَجِبْ إبْلَاغُهُ مَأْمَنَهُ فِي الْأَظْهَرِ، بَلْ يَخْتَارُ الْإِمَامُ) فِيهِ إنْ لَمْ يَطْلُبْ تَجْدِيدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ إجَابَتُهُ (قَتْلًا، وَرِقًّا) الْوَاوُ هُنَا، وَبَعْدُ بِمَعْنَى أَوْ، وَآثَرَهَا؛ لِأَنَّهَا أَجْوَدُ فِي التَّقْسِيمِ عِنْدَ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ (وَمَنًّا، وَفِدَاءً)؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ لِإِبْطَالِهِ أَمَانَهُ بِهِ فَارَقَ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ نَحْوَ صَبِيٍّ اعْتَقَدَهُ أَمَانًا قِيلَ: مَا قَالَاهُ هُنَا يُنَافِي قَوْلَهُمَا فِي الْهُدْنَةِ مَنْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ، أَوْ هُدْنَةٍ لَا يُغْتَالُ، وَإِنْ انْتَقَضَ عَهْدُهُ بَلْ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ مَعَ أَنَّ حَقَّ الذِّمِّيِّ آكَدُ، وَلَمْ يَظْهَرْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ. اهـ.
وَقَدْ يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بِأَنْ يُقَالَ: جِنَايَةُ الذِّمِّيِّ أَفْحَشُ لِكَوْنِهِ خَالَطَنَا خُلْطَةً أَلْحَقَتْهُ بِأَهْلِ الدَّارِ فَغُلِّظَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ نَحْوَ صَبِيٍّ اعْتَقَدَهُ أَمَانًا) فَإِنَّهُ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَظْهَرُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بِأَنْ يُقَالَ: جِنَايَةُ الذِّمِّيِّ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَلْتَزِمُ بِأَحْكَامِنَا، وَبِالِانْتِقَاضِ زَالَ الْتِزَامُهُ لَهَا بِخِلَافِ ذَاكَ فَإِنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لَهَا، وَقَضِيَّةُ الْأَمَانِ رَدُّهُ إلَى مَأْمَنِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ خَالَطَنَا خُلْطَةً أَلْحَقَتْهُ بِأَهْلِ الدَّارِ) فِيهِ شَيْءٌ؛ إذْ عَقْدُ الذِّمَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخُلْطَةَ مُطْلَقًا، وَلَا الْخُلْطَةَ الْمَذْكُورَةَ.
(قَوْلُهُ: بَلْ وَجَبَ) إلَى قَوْلِهِ: فِيمَا يَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى الْبَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَوْلَهُ: كَمَا يُعْلَمُ إلَى بِخِلَافِ الْأَسِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ جَازَ قَتْلُهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَحِينَئِذٍ، فَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيمَنْ ظَفِرَ بِهِمْ مِنْهُمْ مِنْ الْأَحْرَارِ الْكَامِلِينَ كَمَا يَتَخَيَّرُ فِي الْأَسِيرِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَفِي غَيْرِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْكَامِلِ لَا يَبْطُلُ أَمَانُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ نِسَائِهِمْ إلَخْ. اهـ.
سم، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يُقَاتِلْ غَيْرُ الْكَامِلِ، وَمَا هُنَا إذَا قَاتَلَ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا تَفُوتُ عَلَيْهِمْ) أَيْ: فَلَوْ خَالَفَ، وَقَتَلَهُ ابْتِدَاءً لَمْ يَضْمَنْهُ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْقِتَالِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ قَتْلًا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ: مَأْمَنَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ أَيْ: مَكَانًا يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَتْ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ تَقِيَّةٌ فَقَطْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ) إلَى قَوْلِهِ: قِيلَ: فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ مَنْ دَخَلَ بِأَمَانٍ نَحْوَ صَبِيٍّ إلَخْ)، فَإِنَّهُ يُبَلَّغُ الْمَأْمَنَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ)، وَبِأَنَّ الذِّمِّيَّ مُلْتَزِمٌ لِأَحْكَامِنَا، وَبِالِانْتِقَاضِ زَالَ الْتِزَامُهُ لَهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لَهَا، وَقَضِيَّةُ الْأَمَانِ رَدُّهُ إلَى مَأْمَنِهِ. اهـ. أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ خَالَطَنَا إلَخْ) جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ دَفْعَ تَنْظِيرِ سم بِمَا نَصُّهُ فِيهِ شَيْءٌ؛ إذْ عَقْدُ الذِّمَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْخُلْطَةَ مُطْلَقًا، وَلَا الْخُلْطَةَ الْمَذْكُورَةَ. اهـ.
(فَإِنْ أَسْلَمَ) الْمُنْتَقَضُ عَهْدُهُ (قَبْلَ الِاخْتِيَارِ امْتَنَعَ الرِّقُّ)، وَالْقَتْلُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَالْفِدَاءُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ امْتِنَاعِ الرِّقِّ فَلَا يُرَدَّانِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَسِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِ الْإِمَامِ بِالْقَهْرِ، وَلَهُ أَمَانٌ مُتَقَدِّمٌ فَخَفَّ أَمْرُهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: الْمُنْتَقَضُ) إلَى الْبَابِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَوْلَهُ: كَمَا يُعْلَمُ إلَى؛ لِأَنَّهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ: قَبْلَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ: مِنْ الْإِمَامِ لِشَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَالْفِدَاءُ)، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْمَنُّ نِهَايَةٌ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَعَيَّنَ مِنْهُ كَانَ أَوْلَى مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدَّانِ) أَيْ: الْقَتْلُ، وَالْفِدَاءُ عَلَيْهِ يَعْنِي عَلَى مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) الْمُنْتَقَضُ عَهْدُهُ.
(وَإِذَا بَطَلَ أَمَانُ رِجَالٍ) الْحَاصِلُ بِجِزْيَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ) ذَرَارِيِّهِمْ مِنْ نَحْوِ (نِسَائِهِمْ، وَالصِّبْيَانِ فِي الْأَصَحِّ)؛ إذْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُمْ تُنَاقِضُ أَمَانَهُمْ، وَإِنَّمَا تَبِعُوا فِي الْعَقْدِ لَا النَّقْضِ تَغْلِيبًا لِلْعِصْمَةِ فِيهِمَا، وَلَوْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ أُجِيبَ النِّسَاءُ لَا الصِّبْيَانُ؛ إذْ لَا اخْتِيَارَ لَهُمْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبُوا دَارَ الْحَرْبِ أُجِيبَ النِّسَاءُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَالنِّسَاءِ الْخَنَاثَى، وَكَالصِّبْيَانِ الْمَجَانِينُ، وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا الصِّبْيَانُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ دُونَ الصِّبْيَانِ حَتَّى يَبْلُغُوا، أَوْ يَطْلُبَهُمْ مُسْتَحِقُّ الْحَضَانَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَإِنْ بَلَغُوا، وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ فَذَاكَ وَإِلَّا أُلْحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: الْحَاصِلُ إلَخْ) فِيهِ تَوْصِيفُ النَّكِرَةِ بِالْمَعْرِفَةِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ أَمَانُ ذَرَارِيِّهِمْ إلَخْ) فَلَا يَجُوزُ سَبْيُهُمْ فِي دَارِنَا، وَيَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبُوا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ، وَلَوْ طَلَبُوا الرُّجُوعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ أُجِيبَ النِّسَاءُ دُونَ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِاخْتِيَارِهِمْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَإِنَّ طَلَبَهُمْ مُسْتَحَقُّ الْحَضَانَةِ أُجِيبَ، فَإِنْ بَلَغُوا، وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ فَذَاكَ، وَإِلَّا أُلْحِقُوا بِدَارِ الْحَرْبِ، وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ، وَالْمَجَانِينُ كَالصِّبْيَانِ، وَالْإِفَاقَةُ كَالْبُلُوغِ. اهـ.
(وَإِذَا اخْتَارَ ذِمِّيٌّ نَبْذَ الْعَهْدِ، وَاللُّحُوقَ بِدَارِ الْحَرْبِ بُلِّغَ الْمَأْمَنَ) أَيْ: الْمَحَلَّ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ بِلَادِهِمْ مِنْ دَارِنَا مِمَّا يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ: بُلِّغَ الْمَأْمَنَ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا فِي النَّصْرَانِيِّ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْيَهُودِيُّ فَلَا مَأْمَنَ لَهُ نَعْلَمُهُ بِالْقُرْبِ مِنْ دِيَارِ الْإِسْلَامِ، بَلْ دِيَارُ الْحَرْبِ كُلُّهُمْ نَصْرَانِيٌّ فِيمَا أَحْسَبُ، وَهُمْ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنَّا، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لِلْيَهُودِيِّ اخْتَرْ لِنَفْسِك مَأْمَنًا، وَاللُّحُوقَ بِأَيِّ دَارِ الْحَرْبِ شِئْت. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْمَحَلَّ الَّذِي هُوَ إلَخْ) وَلَا يَلْزَمُنَا إلْحَاقُهُ بَلَدَهُ الَّذِي يَسْكُنُهُ فَوْقَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ بِلَادِ الْكُفْرِ، وَمَسْكَنِهِ بَلَدٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَحْتَاجُ لِلْمُرُورِ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُسْتَأْمَنُ إلَى بَلَدِهِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِتِجَارَةٍ، أَوْ رِسَالَةٍ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى أَمَانٍ فِي نَفْسِهِ، وَمَالِهِ، وَإِنْ رَجَعَ لِلِاسْتِيطَانِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَلَوْ رَجَعَ، وَمَاتَ فِي بِلَادِهِ، وَاخْتَلَفَ الْوَارِثُ، وَالْإِمَامُ هَلْ انْتَقَلَ لِلْإِقَامَةِ فَهُوَ حَرْبِيٌّ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُ أَجَابَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي رُجُوعِهِ إلَى بِلَادِهِ الْإِقَامَةُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ مِنْهُ خِيَانَةٌ)، وَلَا مَا يُوجِبُ نَقْضَ عَهْدِهِ فَبُلِّغَ مَكَانًا يَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهِ.
(خَاتِمَةٌ) الْأَوْلَى لِلْإِمَامِ أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ عَقْدِ الذِّمَّةِ اسْمَ مَنْ عَقَدَ لَهُ، وَدِينَهُ، وَحِلْيَتَهُ، فَيَتَعَرَّضُ لِسِنِّهِ أَهُوَ شَيْخٌ أَمْ شَابٌّ، وَيَصِفُ أَعْضَاءَهُ الظَّاهِرَةَ مِنْ وَجْهِهِ، وَلِحْيَتِهِ، وَحَاجِبَيْهِ، وَعَيْنَيْهِ، وَشَفَتَيْهِ، وَأَنْفِهِ، وَأَسْنَانِهِ، وَآثَارِ وَجْهِهِ إنْ كَانَ فِيهِ آثَارٌ، وَلَوْنُهُ مِنْ سُمْرَةٍ، وَشُقْرَةٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَيَجْعَلُ لِكُلٍّ مِنْ طَوَائِفِهِمْ عَرِيفًا مُسْلِمًا يَضْبِطُهُمْ لِيُعَرِّفَهُ بِمَنْ مَاتَ، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ بَلَغَ مِنْهُمْ، أَوْ دَخَلَ فِيهِمْ، وَأَمَّا مَنْ يُحْضِرُهُمْ لِيُؤَدِّيَ كُلٌّ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، أَوْ يَشْتَكِيَ إلَى الْإِمَامِ مِمَّنْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِمْ مِنَّا، أَوْ مِنْهُمْ، فَيَجُوزُ جَعْلُهُ عَرِيفًا لِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ كَافِرًا، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ إسْلَامُهُ فِي الْغَرَضِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ مُغْنِي، وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.

.باب الْهُدْنَةِ:

مِنْ الْهُدُونِ، وَهُوَ السُّكُونُ؛ لِأَنَّ بِهَا تَسْكُنُ الْفِتْنَةُ؛ إذْ هِيَ لُغَةً الْمُصَالَحَةُ، وَشَرْعًا مُصَالَحَةُ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ الْمُدَّةَ الْآتِيَةَ بِعِوَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَتُسَمَّى مُوَادَعَةً، وَمُسَالَمَةً، وَمُعَاهَدَةً، وَمُهَادَنَةً، وَأَصْلُهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ أَوَّلُ سُورَةِ بَرَاءَةٍ، وَمُهَادَنَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهِيَ السَّبَبُ لِفَتْحِ مَكَّةَ؛ لِأَنَّ أَهْلَهَا لَمَّا خَالَطُوا الْمُسْلِمِينَ، وَسَمِعُوا الْقُرْآنَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَبْلُ، وَهِيَ جَائِزَةٌ لَا وَاجِبَةٌ أَيْ: أَصَالَةً، وَإِلَّا فَالْوَجْهُ وُجُوبُهَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا إلْحَاقُ ضَرَرٍ بِنَا لَا يُتَدَارَكُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (عَقْدُهَا) لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ، أَوْ (لِكُفَّارِ إقْلِيمٍ) كَالْهِنْدِ (يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ) وَمِثْلُهُ مُطَاعٌ بِإِقْلِيمٍ لَا يَصِلُهُ حُكْمُ الْإِمَامِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ (وَنَائِبِهِ فِيهَا) وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا، وَلَوْ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخَطَرِ، وَوُجُوبِ رِعَايَةِ مَصْلَحَتِنَا (وَ) عَقْدُهَا (لِبَلْدَةٍ)، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ إقْلِيمٍ لَا كُلِّهِ وِفَاقًا لِلْفُورَانِيِّ، وَخِلَافًا لِلْعِمْرَانِيِّ (يَجُوزُ لِوَالِي الْإِقْلِيمِ أَيْضًا) أَيْ: كَمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَصْلَحَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ جَوَازَهَا مَعَ بَلْدَةٍ مُجَاوِرَةٍ لِإِقْلِيمِهِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا لِأَهْلِ إقْلِيمِهِ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ إقْلِيمِهِ، وَتَعَيَّنَ اسْتِئْذَانُ الْإِمَامِ إنْ أَمْكَنَ انْتَهَى، وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ هَذَا التَّعَيُّنُ حَيْثُ تَرَدَّدَ فِي وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ (وَإِنَّمَا يَعْقِدُهَا لِمَصْلَحَةٍ) لِمَا فِيهَا مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ، وَلَا يَكْفِي انْتِفَاءُ الْمَفْسَدَةِ قَالَ تَعَالَى: {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ}، وَالْمَصْلَحَةِ (كَضَعْفِنَا بِقِلَّةِ عَدَدٍ، وَأُهْبَةٍ)؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ عَلَى الْمُهَادَنَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ (أَوْ) عَطْفٌ عَلَى ضَعْفٍ (رَجَاءِ إسْلَامٍ، أَوْ بَذْلِ جِزْيَةٍ)، أَوْ إعَانَتِهِمْ لَنَا، أَوْ كَفِّهِمْ عَنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْنَا، أَوْ بُعْدِ دَارِهِمْ، وَإِنْ كُنَّا أَقْوِيَاءَ فِي الْكُلِّ لِلِاتِّبَاعِ فِي الْأَوَّلِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) بِنَا ضَعْفٌ كَمَا بِأَصْلِهِ، وَرَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِيهَا (جَازَتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ)، وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ (لَا سَنَةً)؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْجِزْيَةِ فَلَا يَجُوزُ تَقْرِيرُهُمْ فِيهَا بِدُونِ جِزْيَةٍ (وَكَذَا دُونَهَا)، وَفَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْآيَةِ أَيْضًا نَعَمْ لَا يَتَقَيَّدُ عَقْدُهَا لِنَحْوِ نِسَاءٍ، وَمَالٍ بِمُدَّةٍ (وَلِضَعْفٍ) بِنَا (تَجُوزُ عَشْرَ سِنِينَ) فَمَا دُونَهَا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ (فَقَطْ)؛ لِأَنَّهَا مُدَّةُ مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ، وَمَتَى اُحْتِيجَ لِأَقَلَّ مِنْ الْعَشْرِ لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ، وَجَوَّزَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ الزِّيَادَةَ عَلَى الْعَشْرِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ كُلُّ عَقْدٍ عَلَى عَشْرٍ، وَهُوَ قِيَاسُ كَلَامِهِمْ فِي الْوَقْفِ، وَغَيْرِهِ لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَرِيبٌ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِيَ لِمَنْعِ مَا زَادَ عَلَى الْعَشْرِ مِنْ كَوْنِهَا الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ دِرَايَةِ مَا يَقَعُ بَعْدَهَا مَوْجُودٌ مَعَ التَّعَدُّدِ فَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلنَّصِّ؛ إذْ الْأَصْلُ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَبِهِ فَارَقَ نَظَائِرَهُ نَعَمْ إنْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَالْحَاجَةُ بَاقِيَةٌ اُسْتُؤْنِفَ عَقْدٌ آخَرُ، وَهَكَذَا، وَلَوْ زَالَ نَحْوُ خَوْفٍ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ وَجَبَ إبْقَاؤُهَا، وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ عِنْدَ طَلَبِهِمْ لَهَا، وَلَا ضَرَرَ، وَيَفْعَلُ الْأَصْلَحَ وُجُوبًا، وَلَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ لِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فَتَكَرَّرَ سَمَاعُهُ لَهُ بِحَيْثُ ظَنَّ عِنَادَهُ أُخْرِجَ، وَلَا يُمْهَلُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.